إن الرؤية ( 2030 ) تمثل خطة طموحة ، كما وصفها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تستجيب الإجراءات التفصيلية المدرجة فيها للتحديات والتطلعات التي تواجه الاقتصاد السعودي، الأكبر حجمًا في المنطقة، فإقرار المملكة للرؤية يصب في الاتجاه الصحيح، ويعكس التوجه الصادق لقيادتنا الحكيمة للانتقال باقتصاد البلاد إلى مصاف الاقتصادات الناشئة في آسيا وأميركا اللاتينية بتنويع قاعدته الإنتاجية، وجعله أقل عرضة للصدمات الخارجية.
ففي بناء رؤية ( 2030 ) اعتمد الأمير محمد بن سلمان على منهج معروف في علم التطوير وهو (القيادة التشاركية)؛ حيث إن جميع الوزارات، والقطاع الخاص، والجهات الاستشارية كان لها دور رئيس في تشكيل الرؤية من خلال إبداء آرائهم ومقترحاتهم ونقل الصورة الحقيقية بما يتناسب مع احتياجاتهم.
و على الرغم من أن مشوار تنفيذ هذه الرؤية سيكون طويلاً، فإن ابتعادها عن البيروقراطية التي تعد المعوق الأكبر في تنفيذ و نجاح هذه الرؤية والإصرار على تسويقها محليًا وخارجيًا بتوفير كل المعلومات عنها يشير إلى أن المملكة تمتلك القدرة على القيادة وتحقيق أهدافها المعلنة، و تطبيق هذه الرؤية على أرض الواقع سيكون له آثار مهمة على منطقة الشرق الأوسط، وربما العالم، فيما يتعلق بمجالات التجارة والاستثمار وحركة العمالة .
إلا إننا لكي نضمن تنفيذ هذه الرؤية و تحقيق أهدافها لابد من التركيز على ثلاثة عناصر تعتبر الحجر الأساس لنجاح أي مشروع تطويري يكون مصحوب بتغيير جذري وهي :
١- إستراتيجية واضحة للمستقبل.
٢- أنظمة تترجم الإستراتيجية إلى واقع عملي.
٣- ثقافة متجددة لتعايش الناس مع المستقبل المأمول.
فنجاح كل عنصر مرتبط بنجاح الآخر والعكس صحيح، ولذلك فإن التناغم بين هذه العناصر عامل مهم جداً لبناء أساس لتخطيط البرامج التطويرية. فالعنصر الأول وهو إستراتيجية الرؤية.. فإنها تعكس المستقبل المأمول، فلا يمكن البدء بأي خطوة من برامج التطوير قبل تكوين رؤية واضحة المعالم، لابد من أن تكون رؤية واضحة ومفهومة، وهنا يكمن الدور المهم لعمل الدراسات والأبحاث اللازمة لرسم خارطة طريق للمستقبل، والخاصية الثانية هي أن تكون نتائج تحقيق الرؤية ليست إيجابية فحسب، بل إن تفوق المكتسبات الخسائر المصاحبة للتغيير، سواءً كانت خسائر مادية أو وقت أو جهد وغيره، الخاصية الأخيرة وهي أن تكون الرؤية قابلة للتطبيق وفق الجدول الزمني المحدد لها.
و كذلك إذا أردنا أن نحقق النجاح في تطبيق الرؤية لابد من التركيز على العنصر الثاني الذي يتعلق بتطوير الأنظمة الحالية أو تشريع أنظمة جديدة بما يتناسب مع طموحات الرؤية وأهدافها، ففي هذا العنصر يكمن جوهر العمل التطويري، كونه الذي ينقل الرؤية إلى واقع ملموس، كما أن العمل على تطوير الأنظمة يتطلب تعاوناً من جميع الأطراف المعنية من جهات حكومية وخاصة واستشارية وغيرها. والتحدي الأصعب لا يكمن في تطوير الأنظمة نفسها فحسب، بل في تنسيق العمل بين القطاعات والجهات المعنية. و هو ما يشكل عقبة كبيرة أمام نجاح كثير من خطط التنمية في السابق و تعثرها و السبب عدم وجود تنسيق بين الجهات المعنية، و لنحقق الرؤية يجب أن يكون هناك تنسيق و مشاركة بين كل الجهات التي ترتبط أو تشترك مع غيرها في عمل أو تطوير معين و تذليل كل العقبات و الإجراءات النظامية التي تعيقها البيروقراطية السائدة في عمل القطاعات الحكومية.
الثقافة هي العنصر الثالث الذي يعد من أهم أسباب نجاح الرؤية وتعتبر مثل الروح في الجسد، لأن الرؤية تأثيرها الأكبر على المواطن و هو المعني الأول و لذلك يرتبط تحقيقها بتفهمه لها و العمل على تنفيذها ، فخلق رؤية، وتطوير أنظمة تتوافق مع الرؤية، لا يكفيان لنجاح وتحقيق أهداف الرؤية. بل لابدّ من التغيير أو التطوير الثقافي. كما أن هناك مبادرات عملية لتطبيق الأنظمة بما يتوافق مع رؤية (2030 ) فدور المبادرات الثقافية لا يقل أهمية عن ذلك ، فمثلاً تطبيق أنظمة السلامة المرورية في مجتمع لا يدرك مخاطر السرعة ولا يعي بشكل كبير أهمية السلامة المرورية، فليس غريباً أن يفشل تطبيق هذه الأنظمة المرورية وإن كانت تطبق في أفضل بلدان العالم.
ختاماً كلي ثقة و أمل بقيادتنا الحكيمة و بشباب هذا الوطن في تحقيق التطلعات و الطموحات المناطة برؤية (2030 )لمزيد من التقدم لبلدنا وتأمين مستقبل الأجيال القادمة.
الكاتب : ساير هليل المضياني
كاتب بصحيفة تغطيات
عضو المجلس البلدي بالجبيل