تغطيات_واس:
“ذهبت إلى هناك للبحث عن (داعش) فوجدت ما أربكني. هناك أمر مثير في هذا المجتمع؛ إذ إن المملكة العربية السعودية الحالية ليست السعودية ذاتها التي زامن حقبتها جدك”. بالكلمات السابقة استهل الكاتب الأمريكي الشهير فريدمان مقاله في “نيويورك تايمز” واصفاً زيارته الأسبوع الماضي للرياض بأنها غيّرت كثيراً مما كان يعتقده٬ وقال إن ولي العهد الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يعملان الآن بجد لقيادة السعودية نحو التغيير المطلوب لمواجهة التحديات التي من المتوقع أن تواجه السعودية خلال الفترة القادمة.
وأضاف فريدمان في مقاله: يستخدم الشباب السعوديون تويتر للتحدث مع الحكومة٬ ومناقشة بعضهم حول قضايا اليوم٬ مسجلين أكثر من 50 مليون ريتويت شهرياً. وما كان يُفتقد هو قيادة مستعدة لتوجيه هذه الطاقات نحو الإصلاح.. وهنا دخل محمد بن سلمان”.
وقال: الشباب السعودي يحاولون مجابهة تغيرات القرن الـ21 دون التخلي عن هويتهم. ولم أتخيل صحة ما أخبرني به البعض عن أن الأمير محمد بن سلمان لديه القدرة على إنجاز الأمور التي كانت تتطلب سنتين على الأقل في الماضي في أسبوَعْين فقط إلا عندما تحدثت معه وجهاً لوجه؛ فوجدته شعلة نشاط.
وأضاف فريدمان: “السعودية بلد يسهل على الكتّاب التحدث عنها من الخارج٬ واتهامها بالتشدد الإسلامي٬ التي ارتبطت بها جماعات إرهابية٬ مثل داعش٬ ولكن أربكني أن ما وجدته هناك كان على النقيض تماماً. واهتمام الشباب السعودي بالندوة أكد التغير الديموغرافي الذي يحدث الآن في السعودية٬ التي يمثل الشباب أغلبية سكانها”.
وتابع: محمد بن سلمان أخبرني بأن داعش ظهر نتيجة للقمع الذي طالما عانى منه أهل السنة في العراق على يد الشيعة٬ وبسبب الفراغ الذي خلفه الانسحاب الأمريكي غير المنَّظم؛ ما نتج منه دخول إيران لتعميق الفتنة الطائفية القائمة هناك.
وإلى نص المقال:
رسالة من السعودية
المملكة العربية السعودية هي الدولة التي يسهل الكتابة عنها عن بُعد٬ حينما تنظر إليها فقط كمصدر لأكثر أشكال الإسلام قسوة المضادة للتعددية. في حين أن أكثر أشكال السلام تطرفاً يحتضنها تنظيم الدولة الإسلامية٬ أو ما يسمى بداعش. وما يربكني حينما أزور السعودية هو حينما التقي أناساً أعجب بهم٬ وأرى تحركات مضادة للتوجهات مثيرة للفضول.
وأخيراً٬ مع تزايد شريحة الشباب بالتزامن مع ثورة تويتر واليوتيوب (هبة من السماء لمجتمع مغلق) يستخدم الشباب السعوديون تويتر للتحدث مع الحكومة ومناقشة بعضهم حول قضايا اليوم مسجلين أكثر من 50 مليون ريتويت شهرياً.
ما كان يُفتقد هو قيادة مستعدة لتوجيه هذه الطاقات نحو الإصلاح. دخل محمد بن سلمان ولي ولي العهد٬ ابن الملك الجديد ٬ جنباً إلى ولي العهد المعتدل محمد بن نايف٬ وشرع في مهمة تحويل الكيفية التي تحكم بها السعودية.
وأوضح الأمير محمد بن سلمان “التحديات الرئيسية هي الاعتماد المفرط على النفط٬ والكيفية التي نحضر بها وننفق ميزانيتنا”. وهو يخطط لخفض الدعم للسعوديين الأثرياء؛ فلن يحصلوا على غاز وكهرباء ومياه رخيصة بعد الآن٬ وربما يتم فرض ضرائب على القيم المضافة وضرائب للحد من استهلاك السلع الضارة على السجائر والمشروبات السكرية٬ وخصخصة المناجم والأراضي غير المطَّورة٬ وفرض الضرائب عليها؛ ما يحرر المليارات المجمدة حتى لو انخفض سعر النفط إلى 30 دولاراً للبرميل. كما سيكون للرياض الإيرادات الكافية للاستمرار في بناء الدولة دون الحاجة لاستنفاد المدخرات. كما يخلق محمد بن سلمان الحوافز للمواطنين السعوديين لمغادرة الحكومة٬ والانضمام للقطاع الخاص.
خلاصة القول: لا تزال هناك جوانب مظلمة٬ تتسبب في نشر الأفكار المتعصبة٬ لكنها الآن تواجه الشعب وقيادة تتطلع لبناء شرعيتها حول الأداء٬ وليس فقط التقوى أو اسم العائلة. كما قال لي معلم سعودي: “لا تزال هناك مقاومة للتغيير٬ ولكن هناك مقاومة للمقاومة أكثر بكثير”.
العالم مختلف
اليوم لا يمكن أن تكون بمعزل عن العالم. على العالم أن يعرف ما يدور في منطقتكم٬ ويجب علينا معرفة ما يدور في العالم. (إنها) قرية عالمية.
في اليمن تم تشكيل تحالف خليجي بقيادة السعودية لقتال المسلحين الحوثيين والمتمردين الموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح٬ والمدعومين من إيران. طرد المتمردون الحكومة اليمنية الرسمية خارج العاصمة صنعاء في شهر مارس٬ ويحاول التحالف السعودي أن يعيد السلطة لها. تشير تقارير الأمم المتحدة حتى الآن إلى مقتل 5700 شخص٬ وكثير منهم من المدنيين. وقالها المسؤولون السعوديون لي بوضوح٬ إنهم مستعدون للتوصل إلى حل عن طريق التفاوض٬ ولا يريدون أن يكونوا عالقين في الوحل هناك٬ إلا أن الحوثيين سوف يتعاملون مع ذلك بجدية فقط في حال أنهم استمروا في فقدان السيطرة على الأرض هناك٬ كما كانوا.
ومثل جميع المسؤولين الذين تحدثت معهم في رحلتي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت والمملكة العربية السعودية٬ أفصح محمد عن رغبته في ألا تتخلى أمريكا عن المنطقة. “هناك أوقات يكون فيها القائد ليس بقائد [في العالم]٬ وعندما لا يكون هناك قادة ستترتب على ذلك الفوضى”