تغطيات – جدة:
قالت الجمعية الفلكية بجدة ان سماء السعودية والمنطقة العربية تشهد يوم الاثنين 9 مايو 2016 ظاهرة نادرة حيث سيعبر كوكب عطارد امام قرص الشمس في ظاهرة غير مشاهدة بالعين المجردة .
ووضح رئيس الجمعية المهندس ماجد ابوزاهرة : ان الظاهرة على مستوى الكرة الارضية سوف تستغرق سبع ساعات ونصف وبذلك سيكون هذا العبور لعطارد الاطول خلال القرن الحالي بعد عبور مايو 1970.
وستكون مراحل العبور مشاهدة بالكامل من البداية الى النهاية من النصف الشرقي لأمريكا الشمالية ومعظم امريكا الجنوبية وغرينلاند وايسلاندا و اقصى غرب افريقيا وغرب وشمال اوروبا بالإضافة الى القارة القطبية الشمالية.
في حين اننا في السعودية ومساحة واسعة من الوطن العربي سوف ترصد بداية الظاهرة وذروتها العظمى على ان الشمس ستغيب وعطارد يعبر امامها ، باستثناء المغرب وموريتانيا والأجزاء الغربية من الجزائر حيث ستشاهد كامل مراحل الظاهرة.
وبحسب توقيت مكة ستبدأ ظاهرة عبور كوكب عطارد بمرحلة الاتصال الاول عند الساعة 2:11:31 بعد الظهر عندها يكون قرص عطارد متصل ظاهريا بالحافة الخارجية لشمال قرص الشمس بالنسبة للراصد وبعد فترة قصيرة من الاتصال الاول يمكن رؤية عطارد كنقطة سوداء صغيرة على حافة قرص الشمس.
وبعد ذلك يشاهد كامل قرص عطارد امام الشمس عند الاتصال الثاني عند الساعة 2:14:42 بعد الظهر مع ملاحظة وجود فارق بضعة ثواني مابين منطقة و اخرى عندها ترصد ظاهرة ” تأثير الدمعه السوداء ” ، ففي ذلك الوقت يبدو وكأن قرص عطارد متصل مع قرص الشمس من خلال ما يشبه مجرى صغير وهو نوع من الخداع البصري وليس حقيقي ، وهذه الظاهرة تجعل من الصعب قياس وقت الاتصال بشكل دقيق وعندما يختفي ذلك المجرى ويصبح عطارد بالكامل محاط بقرص الشمس ، هذه علامة للحظة الاتصال الحقيقي الثاني ، وتسمى مرحلتا الاتصال الاول والثاني مرحلة ” الدخول ” ، وخلال بضعة ساعات تاليه يرصد عطارد يتحرك ببطء امام قرص الشمس ،
ويصل عبور عطارد ذروته العظمى عند الساعة 5:57:25 عصرا عندما يكون الكوكب في اقرب نقطة من مركز الشمس.
هذه هي المراحل التي سوف تكون مشاهده في سماء السعودية وأجزاء واسعة من الوطن العربي على ان تغرب الشمس وعطارد امامها.
ولكن على مستوى الكرة الارضية ستسمر الظاهرة الى ان يحدث الاتصال الثالث عند الساعة 9:39:14 مساء حيث تلامس ظاهريا حافة عطارد الحافة الداخلية لقرص الشمس ويتكرر من جديد ظاهرة تأثير الدمعه السوداء “
وأخيرا ينتهي العبور بحصول الاتصال الرابع عند الساعه 9:42:26 مساء عندما يكون قرص عطارد يلامس ظاهريا الحافة الخارجية لقرص الشمس ، علما بان الاتصال الثاني والرابع يطلق عليهما مرحلة “الخروج”.
يمكن رصد ظاهرة عبور عطارد من خلال التلسكوبات المزودة بفلتر ضوئي او من خلال تلسكوب شمسي او اسقاط صورة الشمس على ورقة بيضاء حيث سيظهر كوكب عطارد كنقطة سوداء صغيرة تتحرك امام قرص الشمس .
ونظرا ان الحجم الظاهري لعطارد صغير جدا وبعيد عن الارض فهناك حاجة لاستخدام تلسكوب بقوة تكبير 100 لرصد هذا الحدث . ويجب عدم البقاء لفترة طويلة تحت اشعة شمس الصيف لعدم التعرض لضربة الشمس ، ويجب عدم ابقاء اجهزة الرصد لفترة طويلة في مواجهه الشمس حتى لا تتعرض للتلف او الضرر.
ظاهرة العبور تحدث فقط للكواكب التي تدور حول الشمس داخل مدار الارض وهما عطارد والزهرة كلما عبرا امام الشمس كما يشاهد من الارض ، ولو كان مدار عطارد على نفس مستوى مدار الارض كان سيحدث من 3 الى 4 عبورات في كل عام .
إلا ان مستوى مدار عطارد يميل بمقدار 7 درجات بالنسبة لمستوى مدار الارض حول الشمس وهذا يعني انه عندما يتحرك عطارد بين الشمس و الارض في الاقتران الداخلي كل اربعة اشهر تقريبا يعبر عطارد شمال او جنوب قرص الشمس بالنسبة لنا على الارض ، لذلك فان ظاهرة عبور عطارد نادرة فهي تحدث فقط 13 الى 14 مرة كل 100 سنه.
يدور عطارد حول الشمس في مداره الصغير مرة كل 88 يوم ارضي ، وخلال هذه المدة يتحرك شمال مستوى مدار الارض لحوالي نصف مدارة ، والى جنوب مدار الارض خلال النصف الاخر .
ومرتين يقوم عطارد بقطع مستوى مدار الارض عند نقاط تسمى ” العقدتان” ، فعندما يتحرك عطارد من الشمال الى الجنوب في مداره تسمى ” العقدة الهابطة ” و عندما يتحرك عطارد من الجنوب الى الشمال تسمى العقدة الصاعدة.
وكلما عبر عطارد عقدة قريبة من الاقتران الداخلي يحدث بشكل مؤكد عبور مشاهد من الارض ، وفي عبور 9 مايو 2016 سيقطع عطارد العقدة الهابطة منطلقا من شمال الى الجنوب في نفس الوقت الذي يعبر فيه بين الارض والشمس عند الاقتران الداخلي .
وبشكل عام عبور كوكب عطارد في العقدة الهابطة يحدث فقط خلال النصف الاول من مايو ، وعبورات العقدة الصاعدة تحدث في النصف الاول من نوفمبر ، وفي الاوقات الاخرى من العام .عندما يكون في الاقتران الداخلي سوف يتحرك امام شمال او جنوب قرص الشمس.
وكانت اولى عبورات عطار في القرن الحادي والعشرين حدثت في 7 مايو 2003 تبعة في 8 نوفمبر 2006 وسوف يتكرر من جديد بعد العام 2016 في 11 نوفمبر 2019 والذي يليه في 13 نوفمبر 2032.
والى جانب عطارد يمكن رؤية ظواهر اخرى مثل الشواظ الشمسي الذي يشبه اللهلب وهو يندفع من على سطح الشمس نحو الفضاء او رؤية البقع الشمسية.
وقد استخدمت ظاهرة العبور قديما في تحديد المسافة بين الارض والشمس ولكن في وقتنا الحاضر ومع تطور العلم والتكنولوجيا اصبح يستخدم الرادار في تحديد المسافة بين الارض والشمس بشكل اكثر دقة مقارنه باستخدام ارصاد العبور ، ولكن عبور عطارد يبقى مهم لأنه يقدم فرصة لأجراء قياسات لفهم افضل حول ” الأكسوسفير ” وهو عبارة عن غلاف جوي رقيق جدا من الغازات يحيط بعطارد، لمعرفة مكوناته وكثافة غازاته وهذا ممكن اثناء ظاهرة العبور.
فالصويوم في “الاكسوسفير” يمتص ويعيد اصدار اللون الأصفر البرتقالي من ضوء الشمس وبقياس ذلك الامتصاص يمكن معرفة المزيد حول كثافة الغاز هناك .
ونحذر من النظر بشكل مباشر الى قرص الشمس بواسطة المنظار او التلسكوب بدون وجود فلتر مخصص للشمس ويجب عدم استخدام وسائل غير امنه مثل اوراق الاشعة الطبية او الزجاج المدخن لأنها لا تمنع الاشعة فوق البنفسجية الخطيرة القادمة من الشمس من الوصول الى العين بالإضافة ان هذه الطرق ليست مفيدة مطلقا في رصد ظاهرة العبور لان حجم عطارد صغير جدا ويحتاج لتلسكوبات بقوة تكبير مناسبة.