قبل أن تكون أفلام الكرتون فضاءً واسعاً من الفكر ومنصة ترفيهية كانت كالغذاء اللغوي بالنسبة لجيل الثمانين حيث اننا اصبحنا ندرك الكثير من المصطلحات وتراكيب الجمل من خلالها، ولا انسى انني كنت في العطل اسهر حتى التاسعة صباحاً لكي اشاهد هجمة واحدة من مسلسل الكابتن ماجد، حيث كانت الهجمة الواحدة تستغرق نصف الحلقة “لما فيها من حوار”.
ولن انسى ذاك التهذيب الغير مباشر من القناة السعودية الأولى عندما تأتي تلك الشاشة الملونة التي يتوسطها ساعة الكترونية وموسيقى مملة تشير الى إغلاق القناة
“رسالة تحفيزية للنوم “عند الساعة الثامنة مساءاً ثم تأتي امي وتقول ” قم نام تراهم ناموا “.
ما حدث في “عدنان ولينا” من خيال علمي اصبحنا نراه رأي العين في ايامنا الحاليّة، غرفة قيادة وطاقة شمسية وتقنيات رباعية الأبعاد، وأشعة ليزر، كلها اصبحت موجودة الآن بعدما كانت خيالاً من المستحيل تحقيقه، و استطيع أن اعطيكم مثال كي اقرب الصورة أكثر و أكثر أتذكرون الحلقة الثالثة والعشرون؟ عندما ذهبت لينا برفقة جدها وخافت من حديقة البرج، ها نحن ذا نرى تدريس المحاضرات اليوم في جامعة الملك عبدالله للعلوم الاقتصادية باستخدام نفس هذه التقنيّة إذ ما عاشه شباب تلك المرحلة من خيالات وما ادرجوه في أفلام الكرتون ها نحن نطبقه الآن.
كان المؤلفون في السابق يحرصون على اللغة العربية الفصحى حتى انهم يخرجون اصوات الدهشة عند التعجب، وأصوات الرهبة عند الخوف وبطئ الحديث والتمتمة عند الاختباء ، ولا يقتصر الأمر على هذا وحسب بل حتى المحتوى كان يصاغ بعناية فاقة ودقة عالية، خالي من العبارات التقليدية او المحلية او حتى السوقية وكانت القصص مشوقة الى أبعد الحدود.
للأسف نحن من صنع جيل الآيباد ونحن من كسرنا لغتهم حيث لا يوجد هناك الكثير من الأفلام الكرتونية الجاذبة للأطفال، بل حتى البرامج اليوتوبيه الكرتونية اغلبها غير مناسب للأطفال، هاهم مجدداً يصنعونها لنا ! وهي ايضاً تحتوي على نصوص باللهجات السعودية المحلية العامية ” ناهيك عن عبارات الشتم “، ايضاً بعض قنوات التلفزيون الخاصة بالأطفال تحتوي نصوصها على لهجة شاميّة محليّة لا تسمن ولا تغني من جوع.
لا بد أن نعود قليلاً ونصنع محتويات هادفة بالعربية الفصحى وقبل ذلك لابد من الإبداع في صياغة القصص والإخراج الكرتوني.
هل يستحق هذا الجيل ان نمنعه حق مشاهدة الاستمتاع بأفلام الكرتون ؟
أم نتركه يشاهد بلا قيود ؟
…………………………………………
فهد السقوفي
@alsuqufi