تغطيات – الرياض:
تخوض النساء السعوديات تجربة وطنية جديدة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – بعد أن أتُيح لهن الدخول ناخبات ومرشحات في الدورة الثالثة للانتخابات البلدية التي بدأت بتقييد أسماء الناخبين والناخبات في السابع من شهر ذي القعدة الجاري، في خطوة وصفها المراقبون بأنها تحولاً جذريًا في مسيرة البلديات في المملكة.
ويأتي دعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – أيده الله – للمرأة السعودية إيمانًا منه – رعاه الله – بأهمية دورها التكاملي مع الرجل في بناء وتنمية البلاد من خلال الانخراط في العمل الوطني الذي يعود بالنفع والخير على الوطن والمواطنين، وذلك في إطار الضوابط الشرعية التي تحفظ لها خصوصيتها ومكانتها، وتتناسب مع طبيعتها البشرية لتتمكن من المشاركة المثمرة بكل فاعلية.
وشهدت الدورة الثالثة للانتخابات البلدية جملة من التحديثات التطويرية للعملية الانتخابية التي أقرها نظام المجالس البلدية الجديد الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم (م/61) بتاريخ 4 / 10 / 1435هـ، مقارنة بسابقتيها الأولى والثانية، منها رفع نسبة أعضاء المجالس البلدية المنتخبين إلى الثلثين بعدما كان نصفهم من المنتخبين، وتخفيض سن الناخب إلى 18 سنة بدلاً من 21 سنة، ما يعزز من مشاركة الشباب في القضايا التنموية المحلية، ومنح العديد من الصلاحيات للمجالس البلدية، ودخول المرأة كناخبة ومرشحة.
وسجلت الدورة الأولى من الانتخابات البلدية 179 مجلسًا و1212 عضوًا، والثانية 285 مجلسًا و2112 عضوًا، بينما الدورة الحالية سجلت 284 مجلسا و 3159 عضوا، ثلثيهم منتخبين أي ( 2106 أعضاء) مشترطة بألا يزيد أعضاء كل مجلس عن 30 عضوًا يختار ثلثاهم بالانتخاب، بينما يعين الثلث الآخر بقرار من معالي وزير الشؤون البلدية والقروية .
ودخلت المرأة الدورة الحالية للانتخابات ناخبةً ومرشحة بحيث أتيح لها ترشيح وانتخاب من ترى فيه القدرة على النهوض بالخدمات البلدية في منطقتها، وتم تهيئة 424 مركزًا انتخابيًا للمرأة من أصل 1263 مركزًا انتخابيًا منتشرة في مدن ومحافظات المملكة، وكونت اللجان المحلية للانتخابات في جميع المناطق.
وتتطلع المرأة السعودية من خلال المجلس البلدي الذي مُنح صلاحيات مفصلية تخدم الوطن والمواطن إلى المشاركة الفاعلة في خدمة البلاد وبناء مستقبل مشرق للأجيال المقبلة تحت ظل قيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ومساندة نائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع – حفظهم الله -.
والمجلس البلدي شخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري عن البلدية، ويرتبط تنظيميا بوزير الشؤون البلدية والقروية، ويمارس سلطة التقرير والمراقبة وفقا لأحكام نظام المجالس البلدية ولوائحه في حدود اختصاص البلدية المكاني، ومدة المجلس أربعة أعوام مالية تبدأ من تاريخ انتهاء السنة المالية للدولة، ويجوز بقرار من مجلس الوزراء تمديد فترة عمل المجلس مدة لا تتجاوز سنتين.
ومن خلال المجلس البلدي، يمكن للمرأة السعودية أن تسهم في الموضوعات والمعاملات البلدية التي تخدم المواطن والمواطنة، وتلبي احتياجاتهم من خلال الرقابة والمتابعة للخدمات المقدمة، وتقديم الاقتراحات والخطط والبرامج اللازمة لتعزيز عمل المجلس البلدي فعليًا ضمن إطار تنظيمي روعي فيه خصوصية المكان، ليتسنى للمرأة خدمة النساء في أماكن مخصصة لهن تؤدي إلى خدمتهن بالشكل المطلوب.
وشهدت الأيام الأولى من فترة تقييد الناخبين والناخبات، تفاعلا كبيرًا من الناخبات اللاتي أقبلن على المراكز الانتخابية الخاصة بالمرأة في مختلف مدن ومحافظات المملكة لتسجيل أسمائهن على الرغم من انشغال الأسرة ببداية العام الدراسي، حيث كان للحملات التوعوية التي نفذتها لجان الانتخابات البلدية النسائية قبل بدء الانتخابات دورًا بارزًا في استقطاب الكثير من الناخبات اللاتي أردن أن يكنّ بحجم الثقة التي منحت لهنّ من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ليصبحن شركاء في تنمية البلاد.
ولم تقتصر الحملات التوعوية للمرأة السعودية على المدن الرئيسية فحسب، بل شملت محافظات، وقرى، ومراكز المملكة، بما في ذلك المدارس، والمجمعات التجارية، والجامعات، والجمعيات، بالإضافة إلى تنظيم المحاضرات، والندوات، وورش العمل التي تشرح طبيعة مشاركة المرأة في الانتخابات، وكيف يستفيد منها الوطن في إطار الضوابط الشرعية.
ومن أجل إتاحة فرصة التسجيل لأكبر عدد ممكن من الناخبين – رجالاً ونساءً – راعت اللجان المعنية بسير الانتخابات البلدية ظروف من لا يستطيع الحضور إلى مركز الانتخاب إما لمرض أو إعاقة بدنية، حيث يمكن للناخب سواء كان رجلا أو امرأة أن يفوّض مواطنًا يختاره للقيام عنه بذلك بموجب نموذج تفويض خاص من (لجنة الانتخاب بالمركز) تصادق عليه لجنة الانتخاب مبنى على شهادة – رسمية – تثبت مرضه أو إعاقته، ولا يحق لأي مواطن أن يكون مفوضاً عن أكثر من ناخب.
وإذا كان المواطن لا يستطيع الحضور إلى مركز الانتخاب بسبب مانع نظامي مثل: (السجين أو الموقوف)، فيجوز قبول قيده ناخباً بناء على توكيل شرعي لمواطن ووثيقة مصدقة من الجهة الرسمية المخولة بذلك تثبت وجود هذا المانع، ولا يحق لأي مواطن أن يكون وكيلاً عن أكثر من ناخب.
وفي جولة استطلاعية لمندوبة ” واس” في إحدى الدوائر الانتخابية النسائية التقت بالمواطنة أسماء العبودي التي قالت : إن الانتخابات البلدية هي حق من حقوق المواطن لوطنه، وعليه أن لا يتأخر في تقديم المشاركة لصالح مدينته، مبينة أن عدم المشاركة هي فكرة سلبية وحرمان لدور المرأة من هذا الحق.
ومن جانبها أفادت المواطنة فاطمة القحطاني أن الناخبة تنتظر من المرشحة الشيء الكثير من أجل خدمة الوطن، وتلبية احتياجات المواطنين من خلال تحقيق الخدمات العامة والارتقاء بها سواء كانت للنساء أو الأطفال أو لذوي الاحتياجات الخاصة، فضلا عن الاهتمام بالشباب والفتيات لأنهم جيل المستقبل الذي تعتمد عليه البلاد.
وقالت المواطنة أماني العليان : إن الاهتمام بالأحياء السكنية هو قياس تقدم المجتمعات وأصبحت مطلبا أساسيا في كل المجتمعات، وهذا ما نأمله من المرشحات والمرشحين، ونحن نثق بأن المرأة السعودية قادرة – بإذن الله – على القيام بدورها البناء على أكمل وجه.
وأعربت الناخبة هدى النوح المشرفة المركزية بوكالة المناهج والبرامج التربوية بوزارة التعليم عن اهتمامها البالغ بقضايا المرأة وتطلعاتها،مؤكدة أن وجود المرأة في المجلس البلدي سيكون بإذن الله دافعا قويا لها للمشاركة الحقيقية في تنمية الأسرة والمجتمع.
وأشارت النوح إلى الندوات والورش العلمية التي سبقت فترة بدء الانتخابات كان لها الأثر الكبير في تحفيزها وزميلاتها في الذهاب لمراكز الانتخاب على الرغم من ظروف بداية العام الدراسي التي انشغلت معه الأسر، وأثارت الحماس في نفوسهن لترشيح من تجد في نفسها القدرة على خدمة مجتمعها من خلال منبر البلدية.
الجدير بالذكر أن المراكز الانتخابية التي تعمل الآن في مختلف مناطق المملكة تستوعب تقييد ما يزيد على ثلاثة ملايين ونصف المليون ناخب وناخبة، ولوزارة الشؤون البلدية والقروية خطة احتياطية لاستيعاب أكثر من أربعة ملايين ناخب وناخبة من خلال تشغيل 250 مركزًا انتخابيًا إضافيًا يستقبل كل مركز أكثر من 3000 ناخب وناخبة.