الكاتب / بدر الحربي
————————————————————
في كتابه الذي كان بعنوان “إذا كنت على عجلة من أمرك فتمهل” يقول الألماني لوثر سايفرت:
كثير من الناس ناجح في إدارة وقته ولكنه لم ينتبه لإدارة حياته، فهناك فرق بين إدارة الوقت وإدارة الحياة.
قام سايفرت بتشخيص داء العجلة hurry sickness والذي انتشر في ألمانيا في السنوات الأخيرة، ويرى أن هناك مشكلة كبيرة في الركض واللهث وراء كل شيئ في الحياة، وأن هذا جنون يجب إيقافه.
بالنسبة لي، فقد أتفق كثيراً مع سايفرت، فالمُلاحظ لحال الناس ومجتمع المدينة كحال الذي يسير فوق سير كهربائي ولايستطيع التوقف.
لاحظ أولئك الذين يميلون للهدوء في تنفيذ الأشياء وعدم الاستعجال، قد يتلقون أقسى العبارات من أقرب الناس إليهم، ووصفهم بالبلادة وعدم الاستعجال.
في موقف طريف حصل لي مع أحد الخبازين حين دخلت المحل وطلبت منه الخبز فرد علي وقال فقط خبز قلت نعم فقط خبز، فقال لاتريد سرعة؟ قلت ماذا تقصد، قال الجميع هنا يطلب خبز وسرعة.
والخباز هنا يسخر من حال الناس فهو يتعجب منهم، لأن كل من يطلب خبزاً يؤكد عليه بالاستعجال في الطلب، فتجد أي شخص يطلب الخبز يُـلحقها بعبارة “سرعة صديق”.
وقس على قصة الخبَاز الكثير من الأحداث في حياتنا اليومية، فنحن إما أن نطالب الآخرين في تنفيذ طلباتنا بسرعة، أو أن نطلب من أنفسنا الإستعجال وحثها على تنفيذ الكثير من الأعمال في اليوم.
عوّد نفسك على الهدوء وحاول أن تعزلها عن مصاحبة المستعجلين والمتهورين، وتذكر أن الاستعجال فقط في أمور محددة وليس في طلب الخبز وانتظار دورك في الحلاقة.
الذكاء يكمن في كيفية الاستفادة من ذلك الوقت الذي يسبق تنفيذ رغباتك وحاجاتك، وليس في البحث عن حيل لإنجازها بأسرع وقت ثم إهدار مثل هذا الوقت الذي ترفض أن يضيع منك في متابعة فلم أو مباراة أو الجلوس مع صديقك والثرثرة في قضايا ليس لك أي علاقة بها.
لنستفيد من قصة الخباز، فهذا الإنسان جاء من بعيد وظن أن عبارة سرعة صديق هي نكهة تضاف على الخبز، ومع مرور الأيام اكتشف أنها ليست نكهة، وإنما مجرد “لزمة” عند شعب يصنف بعضه البعض ” حار بارد “.