ميز الله تعالى يوم الجمعة وخصه بمزايا وعبادات مخصوصة ليست لغيره من سائر الأيام وجعله سيدا لها، وشرع فيه خطبة يجتمع لها المسلمون ينوب في إلقائها عنهم أجودهم، وأوجب الإنصات لها دليلا على عظم شأنها وأهميتها ورفعة قدرها.
وبلادة بعض الخطباء في التعامل مع المنابر وجمع خطبهم وإلقائها دون اجتهاد في تحضيرها وإعدادها يقلل قيمتها ويفسدها ويشجع المصلين على التأخر عنها وإهمال الحرص على حضورها فالحاضر لن يستفيد منها والغائب كذلك.
وتمكين طالب العلم الناشئ من صعود المنابر وتسهيل الطريق أمامه رغم افتقاده لأبجديات القول وفنون الخطابة أمر يحتاج من المعنيين وأصحاب الشأن إلى وقفة مراجعة.
فالناس متفاوتون في قدراتهم العلمية وما يمتلكونه من علم شرعي ومحصول ديني فمنهم المتمكن تمكنا غزيرا يفوق به الخطيب، ومنهم من لا يملك إلا أساسيات يقيم بها صلب عباداته وينتظر بفارغ الصبر ما سيقوله الخطيب ليشبع جوعه ويمكنه من الاستزادة واكتساب علم جديد يضيفه لعلمه الضئيل.
على الخطيب ألا يركز على المدة الزمنية للخطبة باعتبارها معيارا على قوة الخطبة وتأثيرها، فرُبَّ خطيب يبدع في إيجازه باعتبار «المختصر مفيد»، وعليه كذلك ألا يكتفي بمقومات شكلية تتمثل بحسن المنظر وبهاء المظهر ومشلح يستبدله في كل مرة وملء خطبته بآيات قرآنية وأحاديث نبوية وأدعية مأثورة وآثار نقلها عن السلف الصالح دون إدراك عميق لمعناها، بل عليه أن يجتهد في إيصالها إلى القلوب التي لا تنسى كاجتهاده في إيصالها إلى الأسماع التي تنسى.
_________________________
معـاذ بن محمد الدوسري
@m3ath1