تغطيات – الرياض :
أقامت المؤسسة العربية الأوروبية للعلاقات الدولية اليوم السبت الـ 26 من أغسطس الجاري، ندوة أحوازية تحت عنوان:”تداعيات الصراع العربي الإيراني على القضية الأحوازية”، تطرقت إلى ملف القضية الأحوازية في إطار الصراع العربي الفارسي، وإنعكاس ذلك على القضية بشكل خاص ومنطقة الشرق الأوسط على وجه العموم.
وتضمنت الندوة عدة جلسات بدأت بجلسة صباحية حول “الصراع العربي الإيراني في ظل تحولات الشرق الأوسط”، أعقبها المحاضرة الأولى التي تحدث فيها الدكتور سعد الدين إبراهيم، والدكتور باربارا إبراهيم، وكانت حول “طرق إدارة الصراعات في الشرق الأوسط”.
فيما تحدث في المحاضرة الثانية فاطمة خليل، حول “طبيعة الصراع العربي الإيراني: المحاور الجيوبوليتيكية للصراع”، بينما تضمنت المحاضرة الثالثة التي تحدث فيها الدكتور ظافر العجمي، الحديث عن “دور القضية الأحوازية بالصراع العربي الإيراني”.
وامتدت الندوة إلى جلسة مسائية تناولت “القضية الأحوازية من الإمارة إلى تقرير المصرية، منقسمة إلى محاضرة أولى قدمها الدكتور اسماعيل خلف الله بعنوان “حق تقرير المصير”، والمحاضرة الثانية قدمها أيوب سعيد وكانت بعنوان “احتلال الأحواز : إعادة تقييم المرحلة”، والمحاضرة الثالثة التي قدمها حسن راضي شملت الحديث حول “سياسات المركز تجاه الشعب الأحوازي إبان العقدين الأخيرين”.
وألقى حميد منصور، عضو اللجنة التنفيذية لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز، الكلمة الافتتاحية للندوة، معلناً عن انطلاقة المؤسسة العربية الأوروبية للعلاقات الدولي “AEFIR”، كصرح إعلامي وسياسي وثقافي، بمشاركة نخبة من الأشقاء العرب والشباب الأحوازيين المسكونين بهموم وطنهم وأمتهم.
ونوه في كلمته بضعف الحضور العربي المؤثر في المجتمعات الغربية التي لها اليد الطولى على واقع العالم المعاصر، مشيراً إلى ان هذا الأمر أتاح للخصوم الانفراد على ساحة العمل المؤثر، ناجحين في في ترسيخ صورة نمطية مشوهة في ذهن الرأي العام الغربي بحضورهم السياسي والإعلامي القوي، لتكون المنطلق في تفسير واقع الصراع السياسي في المنطقة العربية، مما ينتج في النهاية رأياً غربياً غير منصفاً للقضايا العربية العادلة.
وشدد على الدور الهام الذي أصبحت تلعبه المؤسسات الأهلية ومراكز العلاقات العامة في تصحيح تعاطي المؤسسات الأهلية والرسمية الغربية مع القضايا العربية العادلة، وكذلك بناء العلاقات البينية وتطورها بين الشعوب لتحقيق المصالح المشتركة.
وأوضح أن هذا الهدف لا يتأتى إلا من خلال تنظيم الندوات والمؤتمرات السياسية والثقافية والإعلامية والفعاليات الشعبية وورش عمل تخصصية وتقديم دراسات علمية وبناء شبكة علاقات عمل متطورة، مشيراً إلى ان المؤسسة العربية الأوروبية للعلاقات الدولية ستولي اهتمامها الكبير لملء جانب الفراغ وبناء العلاقات في سبيل حشد التعاون الدولي مع الشعب الأحوازي والقضايا العربية العادلة الأخرى.
وطالب بضرورة تحسين وتجديد أسلوب الخطاب، خاصة أن العالم المعاصر لا يتعامل بقيم العدالة والمثل العليا، وإنما المعيار الأول هي المصلحة التي بها تبنى المواقف وتسيير الجيوش وتهدم العروش، مشيراً إلى ان أهم أهداف المؤسسة هي تحسين الصورة العربية دون استجداء.
ونوه بأن القضايا العربية كُلٌ لا يتجزأ، والقضية الأحوازية جزء من هذا الكل، مشدداً على أن المصلحة العربية تحتم التوسع في نطاق منظورها لكسب طرحها بقوة تجنبها الوقوع في الحلول الجزئية التي لا تؤكد سوى الضعف والعجز.
وقال إن المؤسسة تسعى إلى التأصيل للقضية الأحوازية باعتبارها قضية عربية وإنسانية عادلة، بالعمل على تبيان بعدها القومي ليس تاريخياً وسياسياً فحسب، بل بإظهار أهمية بعدها الاستراتيجي لمجمل القضايا العربية ودورها في استقرار المنطقة وتوطيد السلم والأمن الدوليين، والتأكيد على أن إهمالها لن يفيد العرب، بل يظهر مدى القبول بأنصاف الحلول، والاستعداد للتفريط في حقوقهم الاصيلة.
من جانبه تحدث الدكتور سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، في محاضرته التي جاءت بعنوان “طرق إدارة الصراعات في الشرق الأوسط”، عن أن الدولة الفارسية تمثل تحدياً للأمة العربية وليست “خطرا”، موضحاً أن الخطر عادةً ما يأتي من الخارج مثل “إسرائيل ، ولكن التهديد الإيراني يعد جزء من المنطقة وتمددها يعتبر تحدياً وليس خطراً.
وأضاف الدولة الفارسية منذ اخر اباطرتها في القرن العشرين “الشاه رضا بهلوي”، الذي عين نفسه شرطياً للخليج وباركت أمريكا هذا الدور، لافتاً إلى أن آخر زيارة للرئيس الأمريكي، جيمي كارتر، صرح من طهران بأن واشنطن ترحب بدور ايران كشرطي يحفظ أمن الخليج.
واعتبر أن العدالة كقيمة هي أحد المطالب الرئيسية لكل شعوب العالم، مشدداً على أن مطالب شعب الأحواز جزء لا يتجزأ من كافة المطالب والشعارات التي أجمعت عليها الإنسانية مثل قيم الحرية والديمقراطية.
وأوضح أن الأحواز سُلخت من محيطها العربي وأعطيت “للشاه” مقابل اتفاقية تمكن بريطانيا من التنقيب عن النفط على الشاطئ الشرقي للخليج، وكان ذلك جزءًا من اتفاقية سايكس بيكو وغيرها، لافتاً إلى وجود طموح ورغبة فارسية للتمدد.
وقال إن هذا الطموح لا يوقفه إلا الوعي والتنسيق والتضامن بين جميع القوى المحلية لمواجهة هذا التحدي التمددي للهيمنة الفارسية، منوهاً بأن هذا الطموح لا يتوقف بتغيير الإدارة الفارسية، فهو موجود عبر التاريخ وهو خط مستمر في العقلية الفارسية.
ونوه بأن غياب الدور المصري خلال العقدين الأخيرين مكن الدولة الفارسية من مد نفوذها إلى خمس دول عربية على الأقل، حيث بدأت تستغل حاجة بعض الدول الافريقية اختراقها وذلك على الساحل الشرقي لأفريقيا، في محاولة منها لمحاصرة المملكة ومصر.
وأشار إلى أن الفرس هم من اخترعوا لعبة الشطرنج وهي اللعبة التي من خلالها تستطيع هزيمة الخصم باستخدام أوراقه، وهذا مايحصل الان حيث ان الدولة الفارسية تستغل وجود أي قاعدة شعبية مؤيدة لها داخل الدول العربية كقاعدة أساسية للاختراق.
ونوه بأن إيران بدأت تلعب على هذا الوتر وهو استمالة من لديهم حب لآل البيت وهي شريحة موجودة في مصر بشكل واسع، من خلال تقديم المطبوعات اولاً ثم المساعدات العينية البسيطة ثانيا، ومساعدتهم على بناء مؤسسات ثالثاً، لتتصاعد الخطوات حتى يصلوا إلى بناء مؤسسات دينية محايدة في الظاهر إلا أنها تحمل رسالة شيعية في الجوهر.
وطالب بضرورة التعاون على خلق وعي عام عقلاني دون عدائية ولا كراهية لأحد بما فيهم الايرانيون انفسهم، حيث ان الفرس الايرانيون لا يشكلون سوى 40%، من الشعب الإيراني والبقية هم فئات من قوميات مختلفة، مشيراً إلى أنه كون الفرس هم الفئة الأقوى استطاعوا فرض قوتهم على البقية.
وناشد جميع المهمشين داخل الدولة الفارسية بالتضامن، مشدداً على أن هذا الدور يقع على عاتق الأحوازيين بنشر الأخوة والتضامن مع كافة الفئات المضطهدة في على اساس المساواة والعدالة للجميع، ومد جسور التعاون مع كافة الجماعات التحررية في المنطقة، للمطالبة بمقعد ولو بصفة مراقب داخل الجامعة العربية وفي الأمم المتحدة.
وألمح الدكتور ظافر محمد العجمي،المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج، في محاضرته التي حملت عنوان “موقف دول الخليج من قضية الاحواز الواقع والمأمول”، إلى أن من يدير العلاقات الدولية نوعان من الشخصيات هما “الدبلوماسي، والجندي”، معتقداً ان المواقف الظلية للدبلوماسية الخليجية قد ولى عهدها، حيث صرح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قائلاً :” إن بلاده تقف بحزم في وجه “نزعة إيران التوسعية” وإن الرياض تعرف أنها هدف للنظام الإيراني ، وأن المملكة لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل سنعمل لتكون المعركة عندهم في إيران”.
وأكد على ان الحل في مواجهة التدخل الإيراني بدول الخليج بشكل خاص، هو نقل المعركة إلى داخل الأحواز العربية، مشدداً على أن هذا المكان هو الأكثر إيلاماً للدولة الفارسية، مستنداً على تصريح الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي بقوله:” إن إيران تحيا بخوزستان”.
واختتم حديث بالمطالبة لتوحيد خطاب والجهود الأحوازية حتى يحصلوا على حق تقرير المصير.
وخلصت فاطمة عبدالله خليل، كاتبة وباحثة في الشأن الخليج العربي، في محاضرتها التي جاءت بعنوان “التمدد الإيراني من الأحواز حتى اليمن”، إلى أن مقاومة إيران يجب أن تنطلق من دول مجلس التعاون الخليجي باعتبارها الدول الأكثر استقراراً على نحو نسبي مقارنة بدول الجوار العربي، ولكونها الأعلى من حيث الإمكانيات المادية والقدرة على ممارسة سياسات مستقلة.
وأوضحت أن دول مجلس التعاون بدأت متأخراً ومؤخراً بمحاولة استعادة الشيعة العرب للحضن العربي والخليجي تحديداً، من خلال التقارب السعودي- العراقي، لافتة إلى ضرورة العمل على تعزيز الاحتواء اليمني من الداخل عبر مزيد من الإشراك للشعب اليمني في الحياة الخليجية، فضلاً عن العمل على دعم الجماعات المعارضة لإيران، وخصوصاً الأحوازيين.
وشددت على أن استعادة الأحواز ضرورة قومية عربية، فضلاً عن كونها ضرورة جيواستراتيجية، تتيح الفرصة باستقلال الأحواز وانضمامه لدول مجلس التعاون بما يمنح الطرفين قوة إضافية، لاسيما وأن الأحواز العربية لا تشكل مستقبلاً عبئاً اقتصادياً ولا اجتماعياً على دول مجلس التعاون، مضيفة بأن استعادة الأحواز العربية سيكون الضربة القاصمة لإيران واصابتها بمقتل بعد انتزاع “قلبها النابض”.
وتناول أيوب سعيد ، كاتب وباحث أحوازي، في محاضرة بعنوان ” احتلال الأحواز، إعادة تقييم المرحلة”، حقبة احتلال الأحواز عام 1925؛ وما تبع ذلك من إلغاء سيادتها التاريخية في ظل تقاطع ظروف دولية وإقليمية دفعت في هذا الاتجاه.
كما ركز على العوامل الداخلية التي تضافرت مع العوامل الخارجية، والتي ساعدت على فقد السلطة الأحوازية، مفندا الظروف والتي كان أهمها افتقار سياسات الأمير “خزعل” لحاضنة شعبية، مما أدى إلى ظهور حالة من اللامبالاة والرضا على أقل تقدير لدى قطاعات شعبية واسعة في الأحواز إزاء إسقاط حكم الأمير واحتلال الأحواز.
وقدم الدكتور اسماعيل خلف الله، محامي وباحث في القانون الدولي ومدير جمعية الحقوق والحريات في فرنسا
، حل القضية الأحوازية في محاضرة بعنوان ” حق الشعب العربي الأحوازي في تقرير مصيره ومشروعية مقاومته”، في عدة نقاط كالتالي :-
1- ما أُخذ بالقوة لا يُمكن استرداده إلا بالقوة، مما يتطلب ثورة عارمة وشاملة ضد المحتل الإيراني.
2- توحيد وتجميع كل القوى الأحوازية المناضلة سياسيا وعسكريا في جبهة واحدة تجمع كل الشتات الشعبي، تقوم بمهمة تحرير الأرض الأحوازية من التواجد الإيراني فوقها.
3- توعية كل مكونات الشعب العربي الأحوازي بضرورة التكتل داخل جسم موحد مهيكل ومنظم سياسيا وعسكريا واجتماعيا وثقافيا، لمواجهة الاستعمار الإيراني.
4- التعريف بقضية الشعب العربي الأحوازي العادلة داخل المجتمع العربي والإسلامي وكل المجتمع الدولي، وتوعية كل أفراد هذه المجتمعات على أن هذه القضية تدخل ضمن قضايا تصفية الاستعمار، والتأكيد على أن إقليم الأحواز العربية هي أرض عربية خالصة تم الاستيلاء عليها من طرف المستعمر الإيراني بتواطؤ ومساعدة بريطانية مفضوحة.
5- العمل على نشر فكرة أحقية الشعب العربي الأحوازي في الاستقلال التام عن دولة إيران المستعمرة، وطنيا وإقليميا ودوليا.
6- العمل على إبعاد كل الخلافات السياسية والفكرية بين كل مكونات الشعب العربي الأحوازي سواء في الداخل أو الخارج.
وتطرق حسن راضي، مدير المركز الأحوازي للإعلام والدراسات الاستراتيجية، في محاضرة له بعنوان “سياسات المركز اتجاه الشعب العربي الأحوازي إبان العقدين الأخيرين”، إلى معاناة الشعب الأحوازي تحت وطأة الاحتلال الفارسي على كل الجوانب الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، في ظل ممارسات قمعية ترمي إلى طمس هوية الشعب الأحوازي.