نمتاز بكوننا الشعب الأول عالمياً في مجال التصنيف. ولنتذكر أن الامتياز ليس دائماً إيجابياً. ماز بمعنى عزل وفَرَز، فصل بعضه من بعض: (حتى يَمِيزَ الخَبِيثَ من الطَّيِّبِ). التباين الجغرافي لمناطق مملكتنا الحبيبة والإرث القبلي المبني على التفاخر وطبيعة الحياة السابقة والحاجة للتحالفات مع الأكثر شبهاً -ضماناً للأمن والغذاء- يفسرُ ما وصلنا إليه، ولا يبرر ما نحن عليه. إن الإقرار بالمشكلة هو أول خطوة على طريق العلاج، كما أن اختلاق المبررات أو التسليم بها هما السد والردم اللذان تُقدم عليهما ببذخ قرابين الحقائق والحلول. إننا الشعب الأكثر تفنناً في التصنيف بأنواعه مناطقياَ وقبلياً وعرقياً ومذهبياً وجغرافياً وغير ذلك مما يخطر أو لا يخطر ببالك، بل ولنا القدرة على تطبيق الاستدامة في تصنيفاتنا وفي تقسيماتنا التي تفوق تقنية النانو (تقنية الصغائر).
الهند دولة تجاوزت تلك التصنيفات بمراحل فأصبحت بتلك المكانة العالمية، حصلت على تقييمات متقدمة في مجال الديمقراطية، عدد سكانها يمثل سُدس سكان العالم، سابع أكبر دولة مساحةً، تتحدث أكثر من 120 لغة رئيسية، تضم أكثر من 70 ديانة والكثير الكثير من الأعراق المختلفة. لو التفتت الهند لتلك التقسيمات لما وصلت لما وصلت إليه ولوجدتها عالقةً بين حبال اللون واللغة والدين وغير ذلك.
يوم الجمعة هو اليوم الذي نقترب فيه من بلال ونبرأ فيه من أبو لهب، نفي فيه صهيب وسلمان، وننفي فيه علبة الألوان. تغرب شمسه ونحن نرقُب ساعة الاستجابة، ثم يزحف ظلام سبتنا وتأتينا فيه حيتاننا لتبتلع منا يونس الذي لا يُسبِحُ سوى يوم الجمعة. من منصات شعر تبدأ بالفخر لتتحول للإنتقاص، مرورا بمسابقات تفاخر بالحيوانات أمست نقمة ووبالاً على بشريتنا حينما انخفض سعر صرف الآدمي مقابل الحيوان، وإنتهاءاً بصيحة تنبئ بصيحة، كتابة اسم الانتماء على الملبوس ليس سوى طفح جلدي يعكس مشكلة أعمق. المطلوب منا دائما وفي هذه الظروف خاصة أن ننبذ ما لا يخدم المشروع القادم والرؤية المستقبلية والتغيير الضروري. معاً لنُجَدِف في نفس الاتجاه وتحت نفس الراية.