لم يخلق الله تعالى شيئاً في هذا الكون إلّا وكان له دورٌ فاعلٌ في المحافظة على اتزانه وحماية للوجود الإنساني،
فالرياح هي الكتلة الهوائية التي تتحرّك بشكلٍ أفقي بسرعة معينة ، وتنجم حركة الرياح عن وجود فروقات في الضغط الجوي , إذ تبدأ الرياح بالتحرك بحركةٍ تسارعيّةٍ تنازلياً من المناطق ذات الضغط المرتفع نزولاً إلى مناطق الضغط المنخفض، فينتج عن ذلك حدوث انحراف في حركتها , وهنالك الكثير ممّن يخلطون بين “الريح” و “الرياح” إذ إنّ لكلٍّ منهما دلالة مختلفة عن الأخرى، فالريح : دائماً تدل على العذاب و العقاب والتخويف والسخط كالريح التي عذّب الله عزّ وجل بها الأقوام السابقة كما في قوله سبحانه وتعالى : ( أما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية ) سورة الحاقة آية “5” بينما الرّياح : دائماً ما تدلّ على النعمة وتبشّر بالخير؛ فالرّياح نعمة من الله عز وجل كما جاء في قوله الكريم : “وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته“. سورة الأعراف آية “56” , وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال : ( اللهم إني اسألك خيرها، وخير ما فيها ، وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به ) , فهبوب الرياح أحيانا محملة بالأتربة والغبار ويقوم الإنسان باستغلالها بصور متعددة، كمصدر للطاقة وإدارة الطواحين الهوائية وكمولد للطاقة الكهربائية باستعمال الرياح , وقوة دافعة لدفع السفن الشراعية , والرياح لها العديد من الفوائد التي تخدم الإنسان وتسهل عليه حياته ومنها : *المحافظة على درجة حرارة سطح الأرض فكما هو معروفٌ عندما يسخن الهواء القريب من سطح الأرض يخف وزنه ويرتفع للأعلى فيحل محله هواءً بارداً يخفف من حرارتها ، فلولا هذه الحركة لزادت درجة حرارة الأرض سنةً بعد سنةٍ لتصبح في الآخر محرقةً لكل ما يقترب منها فتنعدم الحياة عليها , *نقل مادة اللقاح بين النباتات حيث تنتج ذكور النباتات مادة اللقاح المسئولة عن تلقيح النبات الأنثى، ولكن لولا الرياح لبقيت مادة اللقاح عند النبات الذكر ولما حصل تلقيح للنبات الأنثى وبذلك تموت النباتات ويهدم كل ما يعتمد عليها نزول المطر,* تحريك السفن في البحار والمحيطات حيث لا بد من وجود الهواء لإتمام عملية الاحتراق التي تعتمد عليها وقود هذه السفن,* تعتبر الرياح مصدر من مصادر الطاقة البديلة الدائمة والمتجددة والنظيفة ، فعندما يتم تسليط الرياح على التوربينات فإنها تولِّد الطاقة الكهربائية كما أنها تعتبر صحيةً لعدم انطلاق الغازات والمخلفات السامة منها,* نقل الغبار والأتربة وتفتيت الصخور وترسيبها في أماكن اصطدامها بها، وبالتالي تشكيل الرسوبيات التي تعتبر مظهراً جمالياً نتيجة الأشكال الهندسية الجميلة التي تنتج، وفي نفس الوقت لهذه الرياح دورٌ في عمليات حت الصخور التي تكون في طريقها فتشكل أيضاً المناظر الجميلة مثل الموائد الصخرية . قال تعالى: ((اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ * فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )) سورة الروم آية “48” .
0 369