لطالما علق الكثير الكثير من العيوب على خصوصية المجتمع السعودي، ولطالما علق الكثير الكثير من التحسين لأجل غير مسمى لنفس السبب. فهل يا ترى خصوصية المجتمع خاصة بنا دون غيرنا ممن يشاركونا نفس الكوكب! أم أن لكل مجتمع خصوصيته التي لا ينبغي أن تكون شماعة للتخاذل عن أي تحسين ولا عقبة للتكاسل عن أي جهد؟
على مقربة من إحدى إشارات المرور أقترح ابني تعديلا على مواصفات السيارات المستوردة للسعودية بإلغاء صوت المنبه من السيارات حفاظا على الذوق العام وصحة الجميع، فنبهته لضرورة وجود المنبه لحالات الخطر فقام بتعديل فوري على الإقتراح–تحتاج كثير من وزاراتنا لمثل سرعته- بتوقف صوت المنبه بعد ثانيتين من انطلاقه ثم أضاف أو تركيب أجهزة على الإشارات المرورية تضيء اللون الأحمر في حالة استخدام المنبه. من هنا جاء التساؤل: ما مدى صحة انزالنا لخصوصية المجتمع على جوانب حياتنا؟. وهم خصوصية المجتمع السعودي حرمتنا الاستفادة من شخصيات لا تتكرر مثل غازي القصيبي رحمه الله. خصوصيتنا المدعاة أخرت مشاريع جبارة مثل بنية تحتية لوسائل المواصلات العامة. خصوصيتي حرمتني الاحتكاك بمن يختلف عني، وبالتالي حرمتني أن أتعلم الجديد لأن محتواه ببساطة لم يكن مألوفا لي حينها. يجب ألا يتجسد فهمي لخصوصيتي كجدار عازل بيني وبين الآخر، ولا حداً فاصلاً بيني وبين ما يستفاد منه. بل يجب ألا ننسى أن التمايز أبرز سمات البشر، وبه يكون التكامل. جمال المزهرية ينبع من قبول الاختلافات، نجاح المجتمع مكفول بنجاح العلاقة بين عالم الفلك وعامل النظافة الذي إن فكر في الاستغناء عنه غرق في نفاياته تفكيرا وواقعاً. تعلم العالم من الصين الطباعة واستبدال العملة المعدنية بالورقية، ومن الإغريق الفلسفة، ومن الفراعنة التحنيط. وتعلمنا نحن العرب من الهنود الطب لنأخذ بزمامه، ثم عاد البون شاسعا لما تخلفنا عن ركب المتعاطين مع الغير، فعادوا لتميزهم وعدنا لصحاري تخلفنا القاحلة نتغنى بخصوصيتنا.
فلنأنس بغيرنا حتى لا نكون وحوشا، فلقد سمانا الله إنساً.