تغطيات – وكالات:
شكل هجوم مقاتلي المعارضة، في سوريا، على مدينة خان طومان، قرب حلب، هذا الأسبوع أحد أكبر الانتكاسات في المعارك لتحالف المقاتلين الشيعة الذين يقاتلون إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد.
وقدرت تقارير عدد القتلى في صفوف المسلحين الإيرانيين والأفغان واللبنانيين بما يصل إلى 80 في الهجوم الذي قادته جبهة النصرة ، وكان 17 من القتلى على الأقل إيرانيين، وهو على ما يبدو أكبر خسارة في معركة خارج الجمهورية الإيرانية منذ حرب العراق وإيران.
وكتب مقاتل إيراني في رسالة على تطبيق “واتس آب” عبر الهاتف نشرها موقع إيراني رسمي “دعواتكم لنا.. لا نستطيع التحرك، هناك 83 منا في غرفة واحدة، نحن في انتظار الدعم بالمدفعية لنتمكن من الانسحاب.. بإذن الله نحن شهداء ولن نؤسر”.
وبعد أحداث خان طومان، تعرضت إيران وحلفاؤها لضربة أشد وطأة؛ فقد وردت أنباء في وقت مبكر من يوم الجمعة عن مقتل القيادي في جماعة حزب الله اللبنانية مصطفى بدر الدين، الذي كان يشرف على العمليات العسكرية لحزب الله في سوريا.
وليس من الواضح كيف يمكن أن تؤثر مثل تلك التغيرات على الأرض، في مسار الحرب، التي نشبت في أعقاب احتجاجات في عام 2011 للمطالبة بتغيير ديمقراطي، وقبل تدخل إيران جاء حزب الله، وكذلك روسيا، لمساعدة الأسد عندما بدا أن قبضته على الحكم بدأت في التفكك، ويعتبر دبلوماسيون وخبراء من الشرق الأوسط التزام هؤلاء الحلفاء بمساندة الأسد أساسي لبقائه.
ومثل تلك الضربات هي دليل على الثمن الذي تدفعه إيران وحزب الله في سوريا وحجم العداءات التي يواجهونها في الحرب متعددة الأطراف التي تصاعدت مجددًا في الأسابيع القليلة الماضية، في ظل إخفاق المساعي الدبلوماسية التي تقودها الأمم المتحدة.
ولم تفوت إسرائيل الفرصة لاصطياد قادة بارزين، من إيران، ومن حزب الله في سوريا، على مدى العام الماضي أو أكثر.
وقال حزب الله: “إن بدر الدين قتل في انفجار قرب مطار دمشق”. وألقى مسؤول من حزب الله باللائمة على إسرائيل، ولم تعلق الحكومة الإسرائيلية.
ويحتفل أعداء آخرون في صفوف مقاتلي المعارضة ذات الأغلبية السنية، بما يعتبرونه هزيمة لإيران في خان طومان، والتي جاءت بعد خسارة مدينة العيس القريبة.
ووصف خبير أمني مقرب من دمشق تدني الروح المعنوية في الحكومة؛ بسبب خسارة أراض، بعد استعادتها بصعوبة.
وأحد التفسيرات المحتملة لذلك التراجع، قد يكون انخفاض الدعم الجوي الروسي. ونفذت روسيا ضربات جوية دعما للأسد لمدة سبعة أشهر إلا أنها أوقعت ضحايا مدنيين لكنها أيضًا كانت مشتركة في جهود دبلوماسية تدعمها الولايات المتحدة وساندت اتفاقات لوقف إطلاق النار.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقاتل يحارب في المنطقة: “إن كثافة الضربات الجوية الروسية مؤخرًا تراجعت”. ويقول محللون يتابعون الصراع: “إن هذا التطور قد يكون مصدرًا للخلافات بين حلفاء الأسد”.
وأحدث الهجوم، الذي شنته جبهة النصرة وحلفاؤها، على خان طومان، صدمة في إيران. ونشرت مواقع مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني أسماء وصور 13 إيرانيًا قتلوا في خان طومان، وكان أغلب هؤلاء ينتمون إلى وحدة من الحرس بإقليم مازاندران في شمال إيران.
لكن كانت هناك مخاوف بين بعض المسؤولين، والقادة العسكريين الإيرانيين، من أن الأنباء عن وقوع خسائر بشرية كبيرة قد تحول الرأي العام ضد مشاركة إيران في سوريا.
وانعكس بعض من تلك المخاوف، في بيان صحفي، صدر عن مكتب الحرس الثوري في إقليم مازاندران.
وقال البيان إنه “للحفاظ على الهدوء في المجتمع” ينبغي عدم الوثوق في أي معلومات سوى تلك التي تصدر عن مكتبهم.
وقال موقع تسنيم الإخباري: إن من بين القتلى شافي شفيع القائد في فيلق القدس، وهو قوة من النخبة تابعة للحرس الثوري. وقال موقع (إيه.بي.إن.إيه) الإخباري: إن جثته بحوزة المعارضة السورية المسلحة.
وأظهرت صور نشرتها المعارضة المسلحة، وأعادت نشرها مواقع إخبارية إيرانية، صورًا عن قرب لمقاتلين قتلوا في المعركة. وتظهر إحدى الصور ما لا يقل عن 12 جثة فيما يبدو مخضبة بالدماء ومصفوفة في رواق مبنى.
وتظهر مجموعة أخرى من الصور نشرتها المعارضة السورية سجينين، لم تحدد جنسيتهما، كانا مقيدين ومخضبين بالدم ويجري اقتيادهما خلف سيارة.
وقال محمد صالح جوكار، عضو لجنة الأمن الوطني والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني: إنه لا توجد أرقام دقيقة بشأن عدد الإيرانيين الذين قتلوا أو أسروا في “كارثة” خان طومان.
ووصف علي لاريجاني ما حدث بأنه جريمة ارتكبها “إرهابيون جبناء” أثناء وقف إطلاق النار في إشارة على ما يبدو إلى اتفاق وقف الاقتتال الذي لا يشمل جبهة النصرة وجماعات أخرى.
وقال علي شمخاني، سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي، في مقابلة مع الموقع الإلكتروني لنادي الصحفيين الشبان هذا الأسبوع: “هذه الحادثة لن تمر دون رد”.
وتظهر لقطات صورتها المعارضة المسلحة من طائرة دون طيار، هجومًا مركبًا على خان طومان، بدأ بإطلاق وابل من الصواريخ، وقذائف المورتر، وشاركت فيه عربات مدرعة ودبابة، وشوهدت سحابة من الدخان نتجت فيما يبدو عن تفجير سيارة ملغومة تتصاعد قرب مبنى.
وأعلنت إيران مقتل نحو ستة جنرالات في سوريا، ومقتل عدد أكبر بكثير من الضباط الأقل رتبة منذ 2012.
وخسر حزب الله أيضًا أربعة من أبرز مقاتليه من بينهم بدر الدين زوج شقيقة القائد العسكري الراحل للجماعة عماد مغنية.
وبدر الدين أكبر شخصية في حزب الله تُقتل منذ اغتيال مغنية في 2008 وفي دمشق أيضًا.
وتشير تقديرات إلى أن حزب الله فقد نحو 1200 مقاتل في سوريا، حيث يقدم مقاتلو الحزب الذين يتمتعون بتدريب جيد المساندة للجيش السوري.
وتعتبر الجماعة حربها في سوريا صراعًا وجوديًا مع جماعات مثل جبهة النصرة، وتنظيم داعش، الذين يصفهم الحزب “بالتكفيريين”.
وخلال مراسم تشييع جثمان بدر الدين، في الضاحية الجنوبية لبيروت، يوم الجمعة، تعهد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، بالسير على النهج الذي اختاره بالاستمرار “في مواجهة إسرائيل وفي مواجهة التكفيريين”.